بحث في الموقع

يتبع غنمه ، يسوقها إلى مشارف القرية، كانت خيوط الشمس تهوي فوق رؤؤس الجبال ، يتراءى له وجه يتأرجح فوق صفحة ماء الغدير ، تتصاعد إلى خياشيمه بعد رحلة شاقة رائحة رَوَث البهائم والحبق والنعناع ، كأنه يشمها لأول وهلة ، القطيع يقودنا إلى طريق
( جحوشة) ونعتاد أن نسير خلفه ويمضي بنا إلى غايته ...
نصمت أحياناً لأحدنا ، يحلو له الغناء ، امتعاضا فيعطي للريح صوته ، يطفئ شواطئ الجبال عند ارتداد الصدى، نلهو نعبث نردد مواويل ونتف قصص ونطعمها بما يسعفنا به خيالنا الغض ، ونضيف عليها شيئاً من الحال ليتسرب الزمن كالهواء نحس به ولا نراه.

مدينتي تتغير من داخلها ، تكبر وتتشكل ، ويظل سكانها حافظي الجميل ، محافظين على حالاتهم ، وما أصعب أن تغيرهم ، لينكر بعضهم بعضاً ...
يمضي تاريخها كجنازة في منتصف ليلة عاصفة ، هكذا رآها المراعي سليمان ، وقال في ذاته في حينه :
-    إنني أيضاً قد تغيرت...!
كانت عودة ليست مظفرة ، له أولها على أية حال ، وكان يحتفظ بداخله تجاهها بقيمة اجتماعية معنوية ، تدفعه ليواجه التحولات الطارئة في عالمنا ، وقد بانت له ملامحها واستوت على الجودي ، وراح يتساءل ببراءة لكنه استدرك وقال :
-من أين لي أن أعرف ؟

أ‌) – تذكرتي

التقطنا " أخي التوأم " رديف إلى المطار ، كان يضحك في الطريق ، سألته : لماذا السفر ...؟!
ظل يضحك ، يتناسى أسئلتي المتكررة في صالة المطار ، جلست إلى جانب صديق لي
. وجدته هناك ، رديف ، وجهاد ، ومفرح، رفقاء الرحلة ، قعدوا وحدهم بٌرهةً ً ، ثم انضموا إلينا ظلنا نتبادل النّكات الفارغة والأسئلة والسجائر قدر ساعة زمن ، يتلبسني سر هذه الرحلة ، أجاهد لحل قناعة ، جاءتني رسالة وتشاغلت بأمرها وظل رديف يتبادل مع صديق ذكريات أمريكا ، يقول كل واحد منهما للآخر أيامه فيها ، نادى مذيع المطار على موعد الرحلة ، قمنا فطلبوا إبراز هوياتنا :_ اعتذرت ...